يستغل أحدنا التناصح بل ويقلل من أهميته على عظم شأنه وتميزه بالقوة والتقدم نحو الأمام أكثر وأكثر وإقالة العثرات وتقييمها , واستثقالها يبلغ ذروته حين تنبثق من لسان ضعيف أو صغير , أو مسكين إلى رفيع القوم وسيده أو صاحب منصب وحسب ونسب , رغم أن المناصحة سبب رئيسي في بقاء النعمة , وزوال النقمة وتاركوها يوشك أن يعمهم الله بعذاب, ورغم ذلك تبقى ثقيلة على النفس الإنسانية إما لكبر أو اغترار بالنفس , أو استحقار للطرف الآخر, وان كنت أؤكد على أسلوب النصيحة وأهميته والتخطيط له ومع تأكيدي لأسلوبه نقرر أن هود عليه السلام كان يوسم قومه بكبرهم للنصح قائلا لهم : ( ولكن لا تحبون الناصحين ) على الرغم من امتلاكه لقوة البيان , والحجة , والأسلوب الراقي في دعوتهم ولكنها النفس المتكبرة عن الإذعان إلى الحق وصوته أيا كان وهو ما نراه ماثلا أمامنا حيث تركت الأغلبية أمر التناصح رغم أنه من صميم عقيدتنا لما يمثله من خير كل الخير فيما ينفع البشرية في دينهم ودنياهم وحجة الأكثرية بأن فلان ليس في حاجة إلى النصح فهو يعلم أكثر مما نعلم، وآخرين حجتهم تكمن في خوفهم على أنفسهم من المنصوح إن كان ذا منصب وصيت , غير أنها حجج مدحوضة يفندها القرآن والسنة وما قصة مؤمن آل فرعون إلا نموذج لناصح خائف على قومه ومحب لهم راغب بأن يتذوقوا طعم الإيمان الذي تذوقه وتعايش معه لذا تراه وبثبات ويقين وحكمة وحسن تلقين يلقي عليهم نصيحته دون أن يشعرهم بإيمانه خوفا منهم أن يفتنوه بعد أن هداه الله وفي ذلك حكمة بالغة ترشدنا إلى حسن التعامل مع المنصوح برأفة ولين مصحوبتين بالخوف منه مما دعاه لكتم إيمانه , واستغلال الموقف لصالحه حين قال فرعون بعد أن جاءته البينات من موسى عليه السلام ( وقال فرعون ذروني أقتل موسى ) " غافر 26" فجاء الرد مباشر ومحكما في آن حين رد عليه فقال ( وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله )"غافر 28" وقد سكت القرآن عمدا عن اسم الرجل لأن القرآن يهتم دائما بالتفاصيل الأساسية التي تعين القارئ لاستلهام العبر أما الأمور الفرعية كالأسماء والأماكن فليست ذا أهمية فالمهم هنا إثبات أن الرجل من آل فرعون وفي ذلك حكمة عظيمة تأخذ بألباب القلوب بأن ما من شيء يستعصي على الناصح مهما كانت مكانة المنصوح , وأن كثرة الفراعنة لا تمنع بأن يخرج منها فرعوني آخر عظيم الإيمان. ولننظر الآن إلى قوة الرجل المؤمن البيانية في إيهامهم بأنه على دينهم مع رساخة إيمانه حيث لفت نظرهم بأن عليهم إعادة التفكير فلربما كان موسى عليه السلام على حق فقال ( وإن يك كاذبا فعليه كذبة وإن يك صادقا يصبكم بعض الذي يعدكم) "غافر 28"فهو بذلك غير مكذب أو مصدق بموسى عليه السلام على حسب ما ألقى عليهم من كلمات ومذكرا بأن أنبياء كثر قد جاءوا من قبل موسى عليه السلام فلما أنكروا عليهم آتهم عذاب من الله فليس من المستحيل أن يكون موسى مثلهم فقال ( يا قوم إني أخاف عليكم مثل يوم الأحزاب * مثل دأب قوم نوح وعاد وثمود .....)" غافر 31" وتستمر الآيات آخذة بتلابيب العقل البشري وبترابط رصين معجز لتبين لنا السبب الحقيقي في إعراض المنصوح عن النصح وهو المكابرة والمجادلة في آيات الله ( الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان آتاهم ) "غافر 35"( كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار )"غافر 35" ولعل فرعون وقومه أكبر دليل منهجي على التكبر والإعراض ثم كأن مؤمن آل فرعون أحس بأن هناك نوع من استجابة قد تخللت القلوب فغير منهجه في النصح ضاربا على وتر الموعظة والترغيب والترهيب تارة فقال (يا قوم إنما هذه الحياة الدنيا متاع وإن الآخرة هي دار القرار ) "غافر39"مذكرا إياهم بالأعمال الصالحة ومآل الأعمال السيئة كقوة دفع ايجابية نحو الأفضل من الأعمال , ثم تذكيرهم بالفارق العجيب بين نصيحته ونصيحتهم فهو يدعوهم إلى النجاة وهم يدعونه إلى النار ( مالي أدعوكم إلى النجاة وتدعونني إلى النار)"غافر 41" وما ذاك إلا لتقريع النفوس التي جبلت على قبول المنكرات وهو ما نراه أمامنا من تحفيز وتنشيط ودعاية مغرضة لكل المنكرات التي تفشت في زماننا من زنا , وقنا , وربا و ومعازف , وشذوذ , وفضائحيات .
وهي دعوتان مختلفتان فدعوته إلى جنه ومقربة من الله, ودعوتهم ليس لها دعوة في الدنيا ولا في الآخرة متوجا دعوته بحكمة عالية تقول ( وأن المسرفين هم أصحاب النار )"غافر 43" المسرفون في منكراتهم , المسرفون في غيهم ,المسرفون في كفرهم , غير أنه مع هذا النصح بالغ الأثر لم ينس أن يثبت أركان نفسه كي ما تبخع وتجزع إذا لم يستجب لها ( فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد) "غافر 44" فكانت النتيجة أن وقاه الله سيئات أعمالهم وسوء مكرهم ( فوقاه الله سيئات ما مكروا وحاق بآل فرعون سوء العذاب ) "غافر 45" وهي مكافئة ربانية لجميل نصحه وتمسكه بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أما هم فمكافئتهم من صميم عملهم المتكبر المتجبر حيث النار يعرضون عليها غدوا وعشيا وحتى تقوم الساعة ,(النار يعرضون عليها غدوا وعشيا) "غافر 46" فهل من مدكر لعظم النصح وهل من متذكر بأن قرآننا حياتنا نستلهم منه تصرفاتنا . 0
وهي دعوتان مختلفتان فدعوته إلى جنه ومقربة من الله, ودعوتهم ليس لها دعوة في الدنيا ولا في الآخرة متوجا دعوته بحكمة عالية تقول ( وأن المسرفين هم أصحاب النار )"غافر 43" المسرفون في منكراتهم , المسرفون في غيهم ,المسرفون في كفرهم , غير أنه مع هذا النصح بالغ الأثر لم ينس أن يثبت أركان نفسه كي ما تبخع وتجزع إذا لم يستجب لها ( فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد) "غافر 44" فكانت النتيجة أن وقاه الله سيئات أعمالهم وسوء مكرهم ( فوقاه الله سيئات ما مكروا وحاق بآل فرعون سوء العذاب ) "غافر 45" وهي مكافئة ربانية لجميل نصحه وتمسكه بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أما هم فمكافئتهم من صميم عملهم المتكبر المتجبر حيث النار يعرضون عليها غدوا وعشيا وحتى تقوم الساعة ,(النار يعرضون عليها غدوا وعشيا) "غافر 46" فهل من مدكر لعظم النصح وهل من متذكر بأن قرآننا حياتنا نستلهم منه تصرفاتنا . 0